يبارك التحالف الوطني الديمقراطي لأعضاء مجلس الأمة المنتخبين تكليف الشعب الكويتي لهم بتمثيلهم تحت قبة عبدالله السالم، مؤكدا أن هذا التكليف يحملهم مسؤولية وطنية في الدفاع عن المكتسبات الدستورية وقواعد النظام الديمقراطي وأسس الدولة المدنية، ومواجهة التحديات التي تعصف في الكويت سياسيا وإقتصاديا وإجتماعيا، في ظل ظروف إقليمية أمنية بالغة الخطورة.
إن المرحلة المقبلة تتطلب قراءة نتائج الإنتخابات الأخيرة وإفرازتها، ولا سيما السقوط المدوي لرموز سياسية كانت محل شبهات فساد تشريعي وسياسي من الوزراء والنواب السابقين، كما أن النتائج الأخيرة عكست بوضوح رغبة الناخبين والناخبات في التغيير بإتجاه الصوت المعارض بعد أن توسع النفوذ الحكومي في المجلس المنحل.
كما أن المرحلة المقبلة تتطلب إعادة قراءة لتجارب مجالس الأمة السابقة، واستخلاص العبر منها لمحطات الفشل والإفشال التي واكبت المسيرة النيابية، والتي يمكن أن نوجز بعض أسبابها لغياب مشروع وطني مشترك لحاضر ومستقبل الدولة، وهيمنة الخطاب الديني المتطرف على النقاش البرلماني المعتدل والعقلاني، وانهيار القيم الأخلاقية والوطنية أمام الإغراءات المادية والذاتية.
ولا شك أن تحديات الفصل التشريعي القادم لمجلس الأمة تعلوها شأنا مسألة فك التشابك في الإختصاصات ما بين المؤسستين التشريعية والتنفيذية، فلا تمثيل حقيقي للشعب حين تسلم مؤسسته وأدوات ممثليه الدستورية الى الحكومة لتكون تحت إمرتها، ولا قيمة لسلطة تنفيذية تتخلى عن أدوارها لاعتبارات سياسية تتناقض مع عملها، بل وتقضي على كيانها بداعي الحفاظ على الإستقرار السياسي لمؤسساتها.
لقد اختار الشعب الكويتي ممثليه لمجلس الأمة وفق نظام إنتخابي ينتصر للعمل النيابي الفردي على المشترك، ويغلب الطائفة والقبيلة والفئوية على المصلحة العامة، وأيا كانت قراءة نتائج الإنتخابات ومدولولاتها فإن الحكومة التي وضعت هذا النظام المشوه منفردة تتحمل المسؤولية منفردة.
لقد بات من الضرورة أن يتجاوز النواب مخلفات الحملات الإنتخابية وما شابها من تخوين وتشكيك، وأن تطوى صفحات الخلافات السياسية الماضية، فإما تعاون نيابي - نيابي ينهض بالدولة من عثراتها ويتجاوز إخفاقاتها، أو تستمر الصراعات والإصطفافات فيما بينهم لتلقي بظلالها مجددا على استقرار التشريع وقوة الرقابة البرلمانية في مواجهة الحكومة.
لقد طالب التحالف الوطني الديمقراطي مرارا وتكرارا مع كل انتخابات برلمانية، وجميع القوى السياسية بكل أطيافها، بتشكيل وزاري يقوم على كفاءة الوزراء في القيام بمهامهم التنفيذية وليس وفق نظام المحاصصة الطائفية والقبلية والفئوية، وأن يكون الوزراء من المشهود لهم بنظافة اليد - لا بطولها على المال العام- والأمانة والإخلاص في العمل.
وإذ يؤكد التحالف الوطني الديمقراطي عدم نيته المشاركة في الحكومة المقبلة، فإن قراره جاء بعد دراسة مستفيضة للأداء الحكومي السابق، والدفاع عن الوزراء ممن حامت حولهم شبهات مالية وإدارية، وغياب مبدأ المحاسبة للمقصرين منهم، إلا أن “التحالف” يؤكد مد يد التعاون الى الوزراء ممن يضعون الإصلاح منهجا والبناء برنامجا ومواجهة الفساد هدفا.
ويرى التحالف أن المسؤولية القادمة على المجلس المنتخب استعجال قانون انتخابي جديد يكون متوافق عليه سياسيا وشعبيا، واستكمال انجاز قانون استقلال القضاء وإعادة تقديم قانون الأحزاب والهيئات السياسية، وإلغاء قانون البصمة الوراثية وحرمان المسيء من الترشح.
ولا تعني المطالبات السابقة إهمال القضايا المتعلقة بالإسكان واستكمال التشريعات اللازمة لضمان قدرة الحكومة توزيع الوحدات السكنية واستكمال المدن الإسكانية، وكذلك تطوير القطاع الصحي الذي عانى كثيرا من الفساد الإداري والمالي والتدخلات السياسية وعلى رأسها ملف العلاج بالخارج.
إن المشاركة الشعبية الفاعلة في هذه الإنتخابات أثمرت عن تغيير جذري في شكل المجلس، وهو ما يؤكد ما كررناه مرارا بأن الرغبة في التغيير من الممكن تحقيقها متى ما أراد المواطنين والمواطنات ذلك، وندعو جميع المواطنين على ضرورة المتابعة المستمرة للمجلس المقبل وأداؤه لتعزيز الصواب وتقويم الأخطاء لتحقيق الإصلاح المنشود.